مع اقتراب موعد الانسحاب الإسرائيلي المقرر في 18 فبراير الحالي، لم يقم الجيش الإسرائيلي بفكك معظم قواعده العسكرية في المناطق المحتلة من جنوب لبنان، ويواصل تنفيذ عمليات التفجير في المنطقة الحدودية.
أعمال تدمير وإحراق
وأفادت تقارير إعلامية محلية بأن الجيش الإسرائيلي قام بإحراق منازل في بلدة كفركلا، بالإضافة إلى عدد من المنازل المحيطة بمستشفى ميس الجبل الحكومي ومنطقة الشنديبة شمال البلدة، إلى جانب حرائق أخرى في حي المرج بحولا.
كما نفذت طائرة مسيرة إسرائيلية غارة استهدفت حي العقبة على أطراف بلدة عيناتا في قضاء بنت جبيل، مما استدعى تدخل سيارات الإسعاف، دون تسجيل أي إصابات، بينما استمرت الطائرات المسيرة والاستطلاعية في التحليق فوق المنطقة على ارتفاع منخفض.
تحركات الطيران الإسرائيلي
وشهدت سماء صيدا الشرقية تحليقاً منخفضاً للطائرات المسيّرة الإسرائيلية، في حين توغل الجيش الإسرائيلي في منطقة السلطاني جنوب شرقي بلدة يارون، وقام بعملية تفخيخ في العديد من النقاط.
نقاط استراتيجية مسيطرة
تعتزم إسرائيل البقاء في خمس نقاط حدودية في جنوب لبنان، تحت ذريعة مراقبة تحركات “حزب الله” في المنطقة الواقعة جنوب وشمال نهر الليطاني، وهي تلّة الحمامص، تلّة العويضة في القطاع الشرقي، تلّة العزّية، جبل بلاط في القطاع الأوسط، وتلّة اللبونة في القطاع الغربي.
وفي حديث مع الخبير العسكري العميد الدكتور حسن جوني، أكد أن هذه التلال تُشكل خطاً غير متصل على امتداد الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة. ورأى أن تأثير هذه النقاط على مراقبة لبنان أو سوريا من جهة الجولان ليس له تأثير استراتيجي فعلي.
تأثير التكنولوجيا
وأوضح جوني أن التطور التكنولوجي من شأنه أن يقلل من أهمية المرتفعات عسكرياً، حيث أصبحت الطائرات المسيّرة قادرة على مراقبة التفاصيل بدقة عالية من ارتفاعات متفاوتة، مما يتيح لها القيام بالعمليات دون الحاجة إلى المرتفعات التقليدية. ولفت إلى أن الاستهداف باستخدام الأسلحة المتطورة أصبح ممكناً من مسافات تصل إلى 100 كم، باحتمالية خطأ ضئيلة تقل عن متر واحد.
تداعيات وجود الاحتلال
وشدد جوني على أن إصرار إسرائيل على البقاء في النقاط الخمس يعكس بعدين؛ الأول معنوي لتعزيز وجود العلم الإسرائيلي في لبنان، والثاني لتوفير شعور بالأمن للمستوطنين في المستعمرات الشمالية من خلال التأكيد على مراقبة الجيش الإسرائيلي لكل التحركات. لكنه أكد أن بقاء الجيش الإسرائيلي في الأراضي اللبنانية يعد احتلالاً يستدعي التصدي له.
الجيش اللبناني يستعد
وترفض الحكومة اللبنانية بشدة أي احتفاظ إسرائيلي بالأراضي اللبنانية، حيث أكد مصدر أمني أن الجيش اللبناني ينظم جهوداً مستمرة مع اللجنة الخماسية لاستكمال انتشاره في البلدات الجنوبية بمجرد انسحاب قوات الاحتلال. وأوضح أن قوات الأمم المتحدة (اليونيفيل) مستعدة لتقديم الدعم للجيش اللبناني في عمليات الانتشار وفقاً للقرار 1701.
التحركات الدبلوماسية
اعتبر العميد جوني أن إصرار إسرائيل على البقاء في نقاط معينة يتطلب تحركات إقليمية ودولية للحفاظ على الاستقرار في الحدود اللبنانية الفلسطينية. وأشار إلى أن الحكومة اللبنانية ستقوم بممارسة الضغط السياسي والدبلوماسي لإجبار إسرائيل على الانسحاب بموجب الالتزامات الدولية.
وفيما يتعلق بالخيارات الممكنة في حال استمرار إسرائيل بالاحتلال، أبدى جوني اعتقاده أن “حزب الله” ليس مهتماً بالعودة إلى حرب شاملة، لكن ذلك يمكن أن يؤجج المقاومة الشعبية ضد القوات الإسرائيلية في لبنان، مما يتيح للبنانيين الخيار الوحيد المتمثل في تحرير أراضيهم من الاحتلال.