تسعى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى دمج البيانات الشخصية لمواطنيها المحفوظة في وكالات حكومية مختلفة ضمن قاعدة موحدة، وذلك في إطار جهود مكافحة الاحتيال وهدر الموارد. إلا أن هذه المبادرة تواجه انتقادات من منظمات حقوقية تحذر من احتمال استخدام هذه البيانات لأغراض سياسية.
دمج البيانات الحكومية
في الوقت الراهن، تُخزن البيانات الشخصية للعيشين في الولايات المتحدة في أنظمة بيانات متباينة عبر الحكومة الفيدرالية، تشمل وزارات مثل الخزانة والضمان الاجتماعي ووزارة التعليم. وبحسب تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز”، فإن ترامب قد وقع الشهر الماضي أمراً تنفيذياً يهدف إلى “توحيد” هذه السجلات المنفصلة، مما يثير إمكانية إنشاء قاعدة بيانات شاملة لم يسبق أن احتفظت الحكومة بها من قبل، وهو ما عارضه بعض أعضاء حزبه تاريخياً.
يتولى إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، قيادة هذا الجهد بالتعاون مع مساعديه في إدارة كفاءة الحكومة، حيث يسعون للوصول إلى عشرات قواعد البيانات من خلال الدخول إلى وكالات فيدرالية. وقد تجاوزوا في هذه المساعي اعتراضات المتخصصين في الأمن والموظفين الشرعيين.
نجاحات متنوعة
وقد واجه فريق ماسك نجاحات متفاوتة في هذه الوكالات، حيث صدر حكم من بعض القضاة الفيدراليين على خلفية دعاوى قضائية تتعلق بتحركاتهم. وتم منعهم مؤقتاً من الوصول إلى بيانات حساسة في العديد من الوكالات، بما في ذلك إدارة الضمان الاجتماعي. لكن محكمة الاستئناف ألغت يوم الاثنين الماضي أمراً قضائياً يمنعهم من الوصول إلى وزارة الخزانة ووزارة التعليم ومكتب إدارة شؤون الموظفين.
وبالإضافة إلى ذلك، وافقت مصلحة الضرائب الأمريكية في وقت سابق من هذا الشهر على مساعدة وزارة الأمن الداخلي في الحصول على بيانات دافعي الضرائب السرية، بهدف تحديد المهاجرين المعرضين للترحيل، رغم التحذيرات المقدمة من بعض الموظفين. وقد أدت هذه الخطوة إلى استقالة مسؤولين بارزين في المصلحة.
مجالات البيانات المستهدفة
صحيفة “نيويورك تايمز” تمكنت من تحديد أكثر من 300 حقل من البيانات المتعلقة بالأشخاص في الولايات المتحدة التي تسعى إدارة ترامب إلى جمعها في قاعدة موسعة. عبر هذه الأوامر التنفيذية، يسعى ترامب لمنح فريق ماسك إمكانية الوصول إلى “جميع سجلات الوكالات غير السرية”، بما في ذلك معلومات حساسة عن أغلب الأمريكيين.
ومع تجميع هذه المعلومات، يزعم ماسك والبيت الأبيض أنه يمكنهم محاربة الاحتيال والإسراف في استخدام الموارد بشكل أكثر فعالية. وقد أوضح ماسك في مقابلة حديثة مع قناة “فوكس نيوز” أن “الطريقة التي يُحتال بها على الحكومة تنشأ من عدم تواصل أنظمة الكمبيوتر مع بعضها البعض”، مشيراً إلى ضرورة ربط البيانات لتحديد الهوية الفورية للمحتالين.
مخاوف حقوقية
من جهة أخرى، يحذر النقاد، بما في ذلك جماعات حماية الخصوصية ونقابات موظفي القطاع العام، من أن هذا الكم الهائل من البيانات قد يُستغل لأغراض تتجاوز الكشف عن الاحتيال، مما يمثل تهديداً للحقوق الشخصية والقانونية. ويعتقد المعارضون أن هذه الجهود ستعطي الحكومة سلطات مبالغ فيها تشمل إمكانية معاقبة خصومها، أو مراقبة المهاجرين، مما يشكّل ثغرة أمنية محتمَلة.
وأشار النائب جيمي راسكين إلى أنه “لم يُثبتوا حالةً واحدةً تتطلب الكشف عن الاحتيال من خلال الوصول الحكومي الشامل إلى بيانات الجميع”. واعتبر أن إنشاء قاعدة بيانات مركزية متكاملة لجميع المعلومات عن المواطنين سيكون بمثابة دعوة للانتقام السياسي.
وأبرز راسكين أن البيانات الشخصية تُستخدم بشكل مشابه في الأنظمة الاستبدادية، حيث تُخزن روسيا والصين بيانات مواطنيها لمراقبة المعارضين. وقد أحجمت الحكومة الأمريكية عن تقديم تفاصيل حول كيفية حماية البيانات التي تسعى إلى توحيدها، مُشيرة فقط إلى أهمية التركيز على محاربة الاحتيال.