تعاني أوكرانيا من ضرورة الطلب المتزايد على قطع الغيار والصيانة للمدفعية ذاتية الدفع من طراز “سيزر”، حيث يكمن التحدي الرئيسي في الضغوط الهائلة التي تواجهها هذه الأنظمة. وقد تم الكشف عن هذا الأمر خلال جلسة استماع في البرلمان الفرنسي، والتي أوضحت أسباب الحاجة المستمرة للجيش الأوكراني للإمدادات الجديدة من أجل الحفاظ على فعالية هذه الأسلحة.
الاعتماد على الصيانة
قال ممثل وزارة الدفاع الأوكرانية، حسبما نقل Opex360، إن “الاستخدام المكثف لهذه المدفعيات يتطلب ضرورية الصيانة الفعالة وطلبيات دورية للأدوات والأجزاء والخدمات من Nexter [أو KNDS فرنسا].” يُشار إلى أن القوات الأوكرانية تستمر بشكل متواصل في استخدام هذه الأنظمة حتى حدود التعب، مما يزيد من الضغوط عليها.
بينما تظهر فرنسا كفاءة عالية أثناء التدريبات، فإن الواقع على أرض المعركة مختلف بشكل جذري. الأوكرانيون لا يستخدمون أسلحتهم بكثافة فحسب، بل يقومون بتحميلها بشكل مفرط، مما يؤدي إلى مشكلات خطيرة.
مشكلات الذخيرة
تُعتبر الذخائر ذات الجودة المنخفضة والسبطانات التي تتعرض لضغوط هائلة من الأسباب الرئيسية للعديد من حوادث الإطلاق. وعلى الرغم من أن أوكرانيا أثارت هذه القضايا منذ العام الماضي، إلا أنها أصبحت أكثر إلحاحاً في الوقت الحالي.
على عكس أوكرانيا، لا تُستخدم أسلحة “سيزر” في فرنسا تحت نفس الضغوط. ومع ذلك، يؤكد الجانب الفرنسي على مسألة مهمة وهي أمان النظام، الذي لا يتعرض لنفس الضغوط كما هو الحال في الجبهات القتالية.
ثقة في الأمان
أثناء الجلسة المنعقدة في 12 فبراير، سلّط ألكسندر دوبوي، مدير أنشطة الأنظمة في KNDS فرنسا، الضوء على موضوع نادرًا ما يتم ذكره ولكنه حاسم: الثقة في سلامة الأسلحة. حيث قال: “تحدثت مؤخرًا مع جندي شارك في العديد من الحملات والتدريبات، وقد تفاجأ بشدة بعدد الجيوش التي لا تثق في معداتها من حيث الأمان. ولكن مع نظام سيزر، لا توجد هذه المشكلة.”
وفقًا له، فإن نظام “سيزر” مصمم بشكل جيد بحيث لا تحدث حوادث إطلاق، ولا إصابات أو وفيات. وأوضح الخبير الفرنسي أن ذلك يعود إلى “التوافق المثالي بين السلاح والذخيرة،” الذي يضمن أقصى درجات الأمان والكفاءة حتى بعد إطلاق مئات الطلقات.
إمدادات المدفعية الفرنسية
تعد فرنسا أحد المساهمين الرئيسيين في ترسانة القوات المسلحة الأوكرانية، خاصةً من خلال إمدادات مدافع “سيزر” ذاتية الدفع. بدأت عمليات تسليم هذه الأنظمة المتطورة في مايو 2022، حيث تم إرسال الدفعة الأولى المكونة من 6 مدافع مباشرة من مخازن الجيش الفرنسي إلى أوكرانيا.
تم دمج هذه الأنظمة بسرعة في الاستراتيجية الدفاعية الأوكرانية، حيث أثبتت فعاليتها على أرض المعركة، وتمكن المدفعيون الأوكرانيون من اتقان نظامها في غضون أيام قليلة.
تسليمات مستمرة
بحلول يونيو 2022، أعلنت فرنسا عن تسليم 6 مدافع إضافية، مما رفع العدد الإجمالي إلى 12. وكانت هذه الخطوة جزءًا من التزام فرنسا الأوسع بدعم أوكرانيا ضد العدوان الروسي. وقد ناقش الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تكثيف إمدادات الأسلحة، مما ظهر في الإعلانات المستمرة للمساعدات العسكرية.
في يوليو 2022، تم تأكيد إرسال 6 وحدات أخرى، ليصل العدد الإجمالي إلى 18. وكانت هذه الأنظمة فعّالة بشكل ملحوظ بفضل تنقلها ودقتها، مما مكّن القوات الأوكرانية من استخدام تكتيكات “الطلقة والذهاب” لتفادي نيران الرد الروسي.
استمرار الدعم في 2023
مع بداية عام 2023، واصلت فرنسا دعمها بإرسال 12 مدفعًا إضافيًا في يناير، ممولة من خلال صندوق خاص بقيمة 200 مليون يورو تم إنشاؤه للمساعدات العسكرية الأوكرانية، مما أدى إلى ارتفاع العدد الإجمالي للمدافع إلى 30.
في أكتوبر 2023، أظهرت التقارير أن فرنسا قد سلمت 6 مدافع إضافية تم شراؤها مباشرة من نكستير، الشركة المصنعة الفرنسية، مما زاد العدد إلى 36. ومن المقرر أن تزود فرنسا أوكرانيا بدفعة كبيرة أخرى مكونة من 78 مدفعًا في مارس 2024، في إطار مبادرة أوسع حيث اتفقت فرنسا مع الدنمارك وأوكرانيا على التمويل.
التحديات والخسائر في المعركة
ونظريًا توقعت التقارير أن يصل العدد الإجمالي للمدافع في أوكرانيا إلى 114 إذا تم تسليم جميع الوحدات في نهاية العام الماضي، على الرغم من أن الأعداد الفعلية قد تختلف بناءً على الإنتاج واللوجستيات. كما تم الإبلاغ عن فقدان مدفعين على الأقل اتضح أنهما قد دُمرا واثنين آخرين تعرضا للتلف في أكتوبر 2024، مما يبرز الواقع الصعب للحرب على الرغم من مرونة النظام وقيمته الاستراتيجية.
كما تشمل التزام فرنسا تجاه الدفاع الأوكراني تزويدها بكميات كبيرة من قذائف 155 ملم، مع خطط للوصول إلى 80,000 قذيفة في عام 2024، مما يعكس منهجاً شمولياً لدعم الجيش.
مواصفات المدفعية “سيزر”
يعتبر مدفع “سيزر” ذاتي الدفع نظام مدفعي صنع في فرنسا، تم تطويره بواسطة نكستير، ويهدف إلى تقديم الدعم الناري في بيئات القتال الحديثة. كما يعد منصة سلاح متحركة ومتعددة الاستخدامات تم استخدامها من عدة دول، من بينها فرنسا وأوكرانيا.
يتم تركيب “سيزر” على هيكل شاحنة 6×6، مما يسمح له بالتحرك بسرعة عبر ساحة المعركة والوصول إلى مواقع جديدة في وقت قياسي. تعد تنقلته واحدة من الخصائص الرئيسية التي تجعله فعالًا في المعارك السريعة، حيث يمكنه الإطلاق والانتقال بسرعة، مما يقلل من فرص استهدافه بنيران المضادات.
أداء وفعالية عالية
نظام “سيزر” يمتلك مدى يصل إلى 40 كيلومترًا مع القذائف القياسية و55 كيلومترًا مع المقذوفات ذات المدى الممتد. يستخدم نظام تحميل تلقائي بالكامل يسمح للطاقم بتحميل وإطلاق المقذوفات بسرعة، مما يقلل من الوقت المستغرق في إعادة التحميل ويزيد من معدل الإطلاق.
يمكن لنظام “سيزر” إطلاق 6 قذائف في الدقيقة في حالة النيران المستمرة، مع معدل قصوى من 12 قذيفة في الدقيقة في الدقيقة الأولى من القصف. تجعل هذه السرعة العالية منه فعّالاً جدًا في تقديم دعم المدفعية السريع للوحدات المشاة والمدرعة.
أنواع الذخائر
يمكن تجهيز “سيزر” بمجموعة متنوعة من أنواع الذخائر، اعتمادًا على متطلبات المهمة. وهو قادر على إطلاق القذائف التقليدية ذات الانفجار العالي، المستخدمة لتدمير الأفراد والمركبات والمعدات العدو. بالإضافة إلى ذلك، يمكنه إلقاء الذخائر الموجهة بدقة، مثل قذائف “بونوس” و”إكسكاليبور”، التي تسمح بإصابات دقيقة للأهداف ذات القيمة العالية، حتى على المدى الطويل.
تستخدم قذيفة “بونوس” كذخيرة مضادة للدبابات تستخدم مستشعر مزدوج للتعرف على الأهداف المدرعة وتدميرها. بينما “إكسكاليبور” هو قذيفة مدفعية موجهة عبر نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) مصممة لضرب الأهداف بدقة مع الحد الأدنى من الأضرار الجانبية، مما يجعلها مناسبة لاستهداف المواقع المحددة أو الأهداف ذات القيمة العالية مثل مراكز القيادة أو وحدات المدفعية.
ابتكارات محسّنة في النظام
يمكن لنظام “سيزر” أيضًا إطلاق مقذوفات المدفعية ذات المدى الممتد، مثل قذائف ERFB [المدى الممتد الكامل]. تم تصميم هذه القذائف لتمديد مدى إطلاق “سيزر”، مما يجعله أكثر تنوعًا في الاشتباكات بعيدة المدى. كما يمكنه استخدام قذائف الدخان لتوفير غطاء للقوات المتنقلة أو لتعطيل رؤية العدو.
علاوة على ذلك، يتمتع “سيزر” أيضًا بقدرة إطلاق القذائف المتوهجة، التي تُمكن من إضاءة ساحة المعركة أثناء العمليات الليلية، مما يوفر رؤية أفضل للطاقم والوحدات المساندة.
يتميز نظام المدفعية ذاتية الدفع المتقدم بنظام التحكم في النيران الذي يتيح استهداف تلقائي وتعديل للإطلاق، مما يعزز دقته وكفاءته. ويتضمن نظام التحكم في النيران الرقمي بيانات من مصادر متعددة، بما في ذلك الطائرات بدون طيار، والمراقبين الأماميين، وأصول جمع المعلومات الاستخباراتية الأخرى، مما يسمح له بالاستجابة بسرعة وبدقة لظروف المعركة المتغيرة.
بصفة عامة، يُعتبر نظام “سيزر” ذاتي الدفع سلاحًا مدفعيًا فعالًا وقابلًا للتكيف، قادرًا على تقديم دعم ناري قوي ودقيق في مجموعة متنوعة من السيناريوهات العملياتية. تجعل تنقلته ومعدل إطلاقه وتنوع أنواع الذخائر منه أصلاً قيماً في العمليات العسكرية الحديثة.