كشفت شركة “ديهل للدفاع” الألمانية خلال معرض “إنفورس تاك 2025” في مدينة نورنبيرغ عن صواريخ “سيكادا” المضادة للطائرات المسيّرة، موضحةً الأداء المتوقع لهذه الصواريخ وخطط تطويرها. يأتي هذا السلاح كجزء من الجهود الرامية لمواجهة التهديدات المتزايدة للطائرات المسيّرة غير المأهولة، وهو مرشح لتشكيل جزء مهم من منظومة الدفاع الألمانية.
أداة فعالة في الدفاع
يُعتبر صاروخ “سيكادا” سلاحًا ثانويًا محتملًا للدبابة المضادة للطائرات “سكايرينجر” قصيرة المدى، فيما تشير بعض الآراء في الصناعة إلى إمكانية استخدامه أيضًا على متن الفرقاطة من فئة 125 بعد إجرائها تجارب مع صاروخ “إيريس-تي إس إل إم” لهذا العام.
أوضح أحد ممثلي “ديهل” في المعرض أن صاروخ “سيكادا” المصمم خصيصًا لمواجهة الطائرات المسيّرة قد بلغ مستوى جاهزية تكنولوجي يتراوح بين 5 و6، مما يعني أنه قد تقدم من مفاهيم المختبرات إلى نماذج أولية تم اختبارها في بيئات مراقبة.
موعد الإنتاج المرتقب
تسعى الشركة إلى تطوير الصاروخ ليكون جاهزًا للإنتاج بحلول نهاية عام 2026، وهو ما يعكس طموحاً وضرورة ملحة في الوقت نفسه.
وتمثل هذه الخطوة جزءاً من تحول أوسع في أولويات القوات العسكرية، حيث تحوّلت الطائرات المسيّرة من أدوات تجريبية إلى لاعبين أساسيين في ساحة المعركة. وقد أظهرت النزاعات مثل النزاع في أوكرانيا تأثير هذه الأنظمة غير المأهولة، مما جعل الدول مثل ألمانيا تسعى لتعزيز دفاعاتها التقليدية.
قدرات متعددة للصاروخ
تتمتع إمكانيات “سيكادا” المتعددة، سواءً من خلال تعزيز قوة نيران “سكايرينجر” أو دعم الفرقاطة في الدفاع البحري، بدلالة على قفزة استراتيجية في مواجهة التهديدات المتطورة بسرعة.
توالت الأحاديث بشأن اختبار الصاروخ على الفرقاطة، ما يشير إلى تكامل غير معتاد، حيث تصبح التكنولوجيا المضادة للطائرات حرباً البحرية. وفي ظل المخاطر المتزايدة من الطائرات المسيّرة المنخفضة، يُنظر لتطبيق قدراته في البيئات البحرية.
تشير خطط الإنتاج بحلول عام 2026 إلى إدراك ألمانيا الحاجة الملحة في مواجهة التحديات التي تطرحوها خصومهم، سواء كان ذلك نتيجة التزامهم تجاه حلف الناتو أو الحاجة لمواجهة الأعداء القريبين الذين يطورون قدراتهم الجوية.
أداء الصاروخ التقني
في الغوص في تفاصيل أداء “سيكادا”، يُبدو أن هذا الصاروخ يمثل أداة فتاكة مصممة لاستهداف الطائرات المسيّرة. يتميز بنظام إطلاق عمودي خفيف الوزن، يزن أقل من 50 كيلوجرام، مما يزيد من مرونته عبر المنصات المختلفة.
ويشتمل هيكله على زعانف قابلة للطي تتيح تخزينه بشكل مضغوط، حيث يكون في شكل أسطوانة بقطر 30 سنتيمر، ثم تُفتح خلال الطيران لتحسين الاستقرار وزيادة المناورة.
آلية توجيه فعالة
تعتمد آلية التوجيه على نظام مزدوج: باحث نشط بالرادار لتحديد الأهداف في الأجواء المزدحمة، جنبًا إلى جنب مع قناة رابطة لتعديل مساره في الوقت الحقيقي، مما يعد وسيلة لضمان التصدي للتدابير المضادة إلكترونيًا التي تحملها الطائرات المسيّرة.
تُعتبر الرأس الحربية العنصر الأبرز، حيث هي من نوع الانفجار العالي القابل للتفجير، مُصممة لتوتير كمية كبيرة من الشظايا ضمن منطقة قتل تصل إلى 10 أمتار، مما يجعلها مثالية لاستهداف الطائرات الصغيرة والسريعة.
خصائص الدفع والنطاق
تعتمد آلية الدفع على محرك صاروخي يعمل بالوقود الصلبة، مما يتيح انطلاقة تصل إلى 1000 متر في الثانية، مع زمن احتراق يدعم مدى يتراوح بين 8 إلى 12 كيلومتر، وارتفاع يصل إلى 5 كيلومترات.
وفي مقارنة بالمدى البالغ 40 كيلومتر لصاروخ “إيريس-تي إس إل إم”، يُحقق “سيكادا” توازنًا بين المدى والتكلفة، حيث يُقدر ثمن الوحدة في عشرات الآلاف بدلاً من مئات الآلاف. وتظهر ملفاته الطيران توجه مزدوج يرتكز على الارتفاع الحاد ومن ثم الهبوط على الهدف، مُستخدمًا خوارزميات مصممة لاستهداف أنماط الطائرات المسيّرة المتناقضة.
تأثير الصاروخ في الاستخدام العسكري
من الناحية التكتيكية، يمكن أن يعزز “سيكادا” القدرة التشغيلية لألمانيا عبر الأرض والبحر. بالنسبة لدبابة “سكايرينجر” المُسلحة بمدفع أويرليكون 30 مم، يُمد الصاروخ منطقة الاشتباك من 3 كيلومترات إلى أكثر من 10، مُهيئًا درعًا متكاملًا.
تصور سيناريو هجوم طائرات مسيّرة على وحدة ألمانية، حيث تعمل المدفعية على تدمير التهديدات القريبة، بينما يطلق “سيكادا” صواريخه لتصفية الطائرات المتبقية.
الرؤية المستقبلية لمواجهة التهديدات
على مستوى البحرية، ستستفيد الفرقاطة من فئة 125، وزنها 5500 طن، من أدوات دقيقة ضد الطائرات المسيّرة التي تقترب من السطح، مما يمثل نقطة ضعف في استعدادها الحالي.
بينما تُعنى منظومة “إيريس-تي إس إل إم” بطائرات الجو العالية، يُمكن لـ “سيكادا” القضاء على التهديدات المقتربة من الأسفل، مثل الطائرات المسيّرة البحرية التي تُستخدم في البحر الأحمر، ضمن مدى 10 كيلومترات.
استجابة ألمانيا للتحديات الجديدة
قام الجنرال كلاس هوبر، نائب رئيس شرطة الجيش، بالتأكيد على وجوب التكيف مع عالم تزداد فيه الطائرات المسيّرة شيوعًا، مشددًا على أهمية الأنظمة القابلة للتطوير مثل “سيكادا”، في استعراض التدقيق الداخلي للقوات المسلحة لعام 2024.
كما أوضح نائب الأدميرال رينر برينكمان، المشرف على تحديث البحرية، أن “الفرقاطات بحاجة إلى دفاعات متكاملة للبقاء أمام التهديدات الهجينة – القدرة على التصدي للطائرات المسيّرة أمر لا بد منه”.
عرض عالمي لمنافسة التكنولوجيا
تُعد هذه الاختبارات دليلاً على الجهود المبذولة لإعادة تشكيل طريقة القتال في ألمانيا، حيث يتم دمج المنصات التقليدية مع التقنيات المتقدمة لمواجهة تهديدات تتسم بالسرعة والعدد.
من الناحية العالمية، يواجه “سيكادا” مجموعة من أقرانه في مجال مضادات الطائرات المسيّرة، ولكل منها مزاياها الخاصة. فمثلاً، يمثل صاروخ “كوي” من الولايات المتحدة تقدماً مشابهاً، حيث يتم إطلاقه من أنبوب ويعتمد على توجيه بالرادار، متمتعًا برأس حربية متفجرة مع مدى يصل إلى 15 كيلومتر.
مقارنة بين الأنظمة القتالية
في المقابل، يقدّم نظام “بانتسير إس1” الروسي قوة نارية أكبر، حيث يجمع بين 12 صاروخًا ومدافع عيار 30 ملليمتر. بينما يحظى النظام الصيني “إف كيه -1000” بمدى 10 كيلومترات، موجهًا بشكل مُحتمل بواسطة تتبعات بصرية.
تتميز أنظمة “كوي” بالملائمة، في حين يتخذ نظام “بانتسير” من القوة والامتداد ميزة رئيسية. بينما يتسم نظام “إف كيه -1000” بالتكامل، إلا أن “سيكادا” يبرز بتصميمه غير المرتبط بمنصة محددة، وبدقة التصنيع الألمانية. إن صغره يجعله مناسبًا للاستخدام في الفرقاطات وفتكه يجعل منه خيارًا قويًا للدبابات، بسعر قابل للتوسيع في المستقبل.