الأحد 19 يناير 2025
spot_img

أزمة طاقة خانقة في إيران تهدد الحياة اليومية والاقتصاد

تعاني إيران من أزمة طاقة خانقة على الرغم من كونها تملك واحدة من أكبر احتياطيات الغاز الطبيعي والنفط الخام على مستوى العالم، حيث أدت انخفاضات درجات الحرارة إلى تفاقم الوضع بشكل كبير.

ومع تدهور الأوضاع، أغلقت العديد من المصانع، وانتقلت المدارس إلى التعليم عن بعد، وقلصت المكاتب الحكومية ساعات العمل، مما أثار حالة من القلق والامتعاض في أوساط الشعب.

أزمة متجذرة

تعود أسباب أزمة الطاقة في إيران إلى عقود من الزمان، حيث تسببت العقوبات الدولية في تقليص الاستثمارات الأجنبية ومنع الوصول إلى التكنولوجيا الحديثة، مما أدى إلى اهتراء البنية التحتية للطاقة.

إلى جانب الفساد وسوء الإدارة واستنزاف الطاقة، أسفرت هذه العوامل عن تدهور الاقتصاد ومستويات المعيشة لعشرات الملايين.

في هذا السياق، قال الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان في خطاب له في ديسمبر: “نواجه اختلالاً في الغاز والكهرباء والطاقة والمياه والبيئة، وكلها عند حد يمكن أن يتحول إلى أزمة”.

التوقف في الصناعات

تسبب الوضع الحالي في توقف أكثر من 50% من المناطق الصناعية عن العمل نتيجة لانقطاع الكهرباء، مما كبد الاقتصاد خسائر تقدر بمليارات الدولارات. كما أغلقت 17 محطة توليد طاقة بالكامل، بينما تعمل الأخرى بطاقة إنتاجية مخفضة.

أبدى العديد من المواطنين في طهران ومدن أخرى شعورهم بالمعاناة اليومية نتيجة الأزمات المتتالية، حيث غمرت الظلمة الشوارع وانقطع التيار الكهربائي عن المناطق السكنية لساعات طويلة من الانقطاع.

هذا الواقع دفع المدارس والجامعات إلى التحول إلى التعليم الإلكتروني، مما يعيد إلى الأذهان الإجراءات التي اتخذت خلال جائحة كوفيد-19.

الحياة اليومية المتضررة

تحدثت السيدة سبيده، معلمة في طهران لـ”الشرق” عن معاناة الناس قائلة: “عندما ينقطع التيار، يتوقف الماء أيضاً، وتصبح أجهزة التدفئة غير صالحة للاستخدام”. من جهته، أشار نادر، طبيب أسنان، إلى تأثير الانقطاعات على العلاجات، حيث يقول: “تترك المرضى في حالة من القلق”.

في ظل هذا الوضع، أطلق الرئيس بيزشكيان حملة تدعو المواطنين لتقليل منظمات التدفئة بدرجتين مئويتين في محاولة لتوفير الطاقة.

وتظهر مقاطع الفيديو التي بثتها وسائل الإعلام الحكومية المباني بإنارة خافتة، مما يقدم القليل من العزاء للأسر التي تمر بظروف الشتاء القاسية.

أزمة تؤثر على الاقتصاد

في خضم هذه الأزمة، تعاني الصناعات من تبعات خطيرة. يُقدر مهدي بوستانجي، رئيس مجلس تنسيق الصناعات، أن إنتاج المصانع قد انخفض بنسبة تتراوح بين 30% و50%.

تعاني الشركات الصغيرة والمتوسطة بشدة، حيث يواجه الكثير منها خطر الإغلاق بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وتعطيل سلاسل الإمداد.

وانتقد علي أصغر أهانيها، عضو المجلس الأعلى للعمل، الحكومة لعدم إعطائها الأولوية للاحتياجات الصناعية على احتياجات الطاقة السكنية، مشدداً على ضرورة دعم الإنتاج كوسيلة لتعزيز فرص العمل.

التحديات والمخاوف الاجتماعية

تتزامن هذه الأزمة مع تقلبات سياسية في المنطقة، حيث أدى انهيار حكومة الأسد في سوريا والضغوط الإسرائيلية على “حزب الله” في لبنان إلى تآكل النفوذ الإيراني.

تفاقمت هذه الأوضاع داخلياً مع خروج المتظاهرين إلى الشوارع للتنديد بفشل الحكومة في تلبية احتياجات المواطنين. حيث تراجع قيمة الريال الإيراني إلى أدنى مستوياته التاريخية.

ويعاني السكان أيضاً من عواقب صحية وجوهرية، مع دخول الآلاف إلى المستشفيات بسبب الأمراض التنفسية، نتيجة الاعتماد المفرط على الوقود الأحفوري الذي أدى أيضاً لتدهور جودة الهواء.

الحاجة إلى الإصلاحات

تعكس أزمة الطاقة في إيران الحاجة الملحة لإصلاحات هيكلية، فقد بات الاعتماد الكبير على الغاز الطبيعي، والذي يمثل 70% من إنتاج الطاقة، غير مستدام.

رغم تحديد الحكومة هدفاً لزيادة قدرة الطاقة المتجددة إلى 30 جيجاواط بحلول عام 2030، إلا أن العقوبات والظروف المالية تعرقل التقدم في هذا الاتجاه.

يشير الخبراء إلى أهمية تنويع مصادر الطاقة وتحسين الكفاءة. حيث يصرح إسفنديار باتمانجليدج، خبير اقتصادي: “يجب معالجة التحديات في سلسلة إنتاج واستهلاك الطاقة بالكامل، وإلا ستستمر دورة الأزمات”.

اقرأ أيضا

اخترنا لك