توافد عشرات الآلاف، اليوم الأربعاء، إلى بازيليك القديس بطرس لتقديم التحية الأخيرة لجثمان البابا فرنسيس، الذي تم نقله في موكب حاشد إلى الكنيسة الشهيرة. وتشكلت طوابير انتظار طويلة في ساحة القديس بطرس، حيث أُعيد فرض تدابير أمنية مشددة على المداخل.
تحضيرات الوداع
استيقظت الممرضة المتقاعدة، فينتشنتسا نوتشيلا، في الرابعة صباحاً، لتقطع مسافة 150 كيلومتراً كي تصل في مقدمة الوافدين إلى البازيليك، مؤكدة أهمية وداع أول بابا أميركي لاتيني في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، وفقاً لما نشرته وكالة الصحافة الفرنسية. وأعربت السيدة البالغة من العمر 67 عاماً عن تأثرها بالحدث، مشيرة إلى الجهود التي بذلتها لتكون حاضرة لإلقاء نظرة الوداع على “البابا الصالح”، رغم الوقت القصير المسموح به.
من جهة أخرى، أكد كولم دفلن وزوجته كليودنا، المدرسان الأيرلنديان المتقاعدان، أن وداع البابا فرنسيس كان أولويتهما اليوم. ورأت كليودنا في البابا الراحل “مدافعاً كبيراً عن الفقراء والمهمشين”، بينما أشار زوجها إلى جهود البابا في مواجهة التحديات التي واجهت الكنيسة، خاصة “الاعتداءات الجنسية” التي طالت المؤسسة الكنسية.
تدابير أمنية
لتيسير تدفق الزوار، اعتمدت السلطات عدة إجراءات، شملت إقامة حواجز معدنية وتوفير زجاجات المياه وزيادة عدد الحافلات الموصلة إلى الفاتيكان. كما تم تعزيز التدابير الأمنية عند نقاط الدخول إلى ساحة القديس بطرس. وقام عناصر أمن الفاتيكان والدرك الإيطالي بتفتيش حقائب الوافدين في الحواجز، حيث خضعت مقتنياتهم لمراقبة دقيقة. وأكد أحد عناصر الأمن أن الاستعدادات جارية منذ يوم الاثنين، مشيراً إلى أن الأيام المقبلة ستكون صعبة.
هذا ويغص الفاتيكان بالزوار في السنة اليوبيلية المقدسة للكنيسة الكاثوليكية، حيث انضم إليهم صحافيون وسكان محليون بالإضافة إلى الفضوليين من مختلف البلاد.
موكب الجثمان
في وقت لاحق من اليوم، وبمرافقة عدد من الكرادلة وعناصر من الحرس السويسري، تم نقل جثمان البابا الأرجنتيني من كنيسة بيت القديسة مارتا، حيث كان يقيم منذ انتخابه حبراً أعظم عام 2013، إلى البازيليك المهيبة ذات القبة الشهيرة. وعلى أنغام أجراس الحزن وترانيم من كنيسة سيستينا، سار الموكب ببطء عبر أزقة الفاتيكان، مستقبلاً تصفيق الحشود.
وحمل الجثمان بأيدٍ من هيئة المراسم في الفاتيكان، محاطاً بعناصر من الحرس السويسري، حيث وُضع البابا برداء أحمر وتاج أسقفي أبيض، ومعه مسبحة. وجرى وضع النعش على المذبح الرئيسي في البازيليك، لكن من دون عرض علني تجسيداً لرغبة البابا الراحل في إقامة مراسم جنائزية بسيطة.
مراسم الوداع
سيتمكن الزوار من إلقاء نظرة الوداع على جثمان البابا فرنسيس خلال ثلاثة أيام، حيث ستُعقد الزيارات يوم الأربعاء من الساعة 11:00 إلى 24:00، ويوما الخميس والجمعة من الساعة 7:00 إلى 24:00 و7:00 إلى 19:00 على التوالي. ومن المقرر إغلاق النعش مساء الجمعة عند الثامنة (18:00 ت.غ) خلال مراسم يرأسها الكاردينال الأميركي كيفن فاريل.
ويتوقع أن تشهد مراسم الوداع إقبالاً كبيراً، حيث سجلت جنازة البابا بنديكتوس السادس عشر حضور 200 ألف شخص قبل مواراة جسده الثرى.
جنازة عالمية
ستقام جنازة البابا فرنسيس صباح يوم السبت في ساحة القديس بطرس، مع مشاركة حاشدة مقدرة بحضور حوالي 200 ألف شخص، إضافةً إلى 170 وفداً دولياً. ومن المقرر أن يشهد الحفل وجود عدد من رؤساء الدول والشخصيات الملكية، في ظل تدابير أمنية مشددة.
وقد أعلن الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، عزمه حضور الجنازة برفقة زوجته ميلانيا، على الرغم من الانتقادات السابقة للبابا حول سياسته المعادية للمهاجرين. كما سيشارك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بينما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عدم حضوره بسبب مذكرة توقيف ضده.
ومن بين الشخصيات العالمية التي ستشارك في المراسم، رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، إضافةً إلى عدد من القادة الأوروبيين وآخرين من حول العالم.
الإخراج الأخير
بعد انتهاء القداس، سينقل النعش إلى بازيليك سانتا ماريا ماجوري وسط روما، حيث سيوارى البابا الثرى بناءً على رغباته في وصيته. وحيث أعلنت إيطاليا حداداً وطنياً لمدة خمسة أيام حتى السبت، وأعلنت الفليبين حداداً لمدة أربعة أيام، في حين خصصت بولندا يوم السبت للحداد الوطني.